سبع استراتيجيات للقيادة المُثلى من أجل التطوير المهنيّ ما بين القيادة المدرسيّة وسيرورة التعلّم الذي يخوضها المعلّمون
بقلم: تال كرمي
مديرو المدارس مسؤولون عن توفير تجربة تعليميّة مثلى لطلابهم، ولكنّهم غير قادرين على التأثير بشكل مباشر على كلّ طالب وعلى كلّ صف. تشير الأبحاث إلى أنّ التطوير المهنيّ وسيرورة التعلّم التي يخوضها المعلّمون هما أداتان مهمّتان جدًا ومتاحتان للمديرين الساعين لتحسين التدريس. أيّ أنّه باستطاعة المديرين تعميم ثقافة التعلّم والتطوّر المهنيّ التي ستحسّن من عملية التدريس، وتقود في نهاية المطاف إلى تجربة تعلّميّة أعمق وأعلى جودة في الصفوف الدراسيّة. إلّا أنّ قيادة سيرورة تطوير مهني مؤثّرة هي تحدٍ مركّب، وفي بعض الأحيان، يشعر المديرون بأنّهم لا يملكون الأدوات المناسبة لذلك. تشرح هذه المقالة العلاقة بين القيادة وبين سيرورة التعلّم والتطوّر لدى المعلّمين، كما تبيّن الأدبيات البحثيّة. توضّح المقالة أيضًا كيف يستطيع مدير المدرسة قيادة سيرورة التعلّم التي يخوضها المعلّمون بشكل فعّال، ويوضّح ذلك بواسطة قصة مديرتين.
تتطرّق الأدبيات البحثيّة إلى سبع استراتيجيات عمل يستطيع المدير اتّباعها، والدمج بينها قد يساهم في تحسين جودة التطوير المهنيّ لدى معلّمي المدرسة. تجدر الإشارة إلى أنّ الأمر ينطوي على أنشطة مركّبة، وأنّ المديرين يستطيعون منح صلاحيات وإتاحة المجال للقيادة الوسطى بقيادة جزء من هذه الاستراتيجيات. على أي حال، فإنّ مدير المدرسة هو المسؤول عن تطبيق هذه الاستراتيجيات، سواء بنفسه أو بتشجيع منه:
1. بلورة الرؤية– إنّ بلورة الرؤية المدرسيّة هي إحدى المهام الرئيسيّة لمدير المدرسة، ويتوجّب على المديرين تحديد الأهداف المشتقة من الرؤية المدرسيّة التي يريدون قيادتها. عمليًا، فإنّ المدير الذي يقود الرؤية المدرسيّة يحدّد ماهية الأجواء التربويّة المنشودة في المدرسة، وأساليب التدريس التي تدعم ذلك. لذلك، يوصى المديرون بتحديد التغييرات التي يجب تحقيقها في المدرسة، وما هي سيرورات التعلّم والتطوّر المهنيّ المطلوبة لتعميم وترسيخ هذه التغييرات. تجدر الإشارة إلى أنّ المدير لا يستطيع بلورة الرؤية بمعزل عن طاقم المدرسة. للمعلّمين دور رئيسيّ في بلورة الرؤية، ويتطلّب منهم ذلك جاهزية عالية للانضمام إلى السيرورة. ذلك يعني أنّ بلورة رؤية حقيقيّة ومؤثّرة للمدرسة ولسيرورة التعلّم التي يخوضها المعلّمون والمعلّمات تتم غالبًا بشكل تشاركيّ. يدعو مدير المدرسة المعلّمين والمعلّمات لأخذ دور فعّال ورئيسيّ في بلورة الرؤية.
2. تخصيص الموارد– عملية التعلّم لدى المعلّمين تتطلّب تخصيص موارد مختلفة لدعم هذه العملية. لبعض هذه الموارد طبيعة تقنيّة، خاصة الموارد الماليّة، موارد الوقت (تخصيص الوقت خلال يوم العمل)، وللبعض الآخر طبيعة ماديّة، مثل توفير حيّز ملائم أو وسائل مساعدة تكنولوجيّة. بالإضافة إلى ذلك، يتوجّب على مديري المدارس مساعدة المعلّمين على الحصول على موارد المعلومات واكتساب الخبرة المطلوبة التي تدعم سيرورة التعلّم المهنيّ. على سبيل المثال، يوصى بإتاحة المجال للمعلّمين للتعلّم من الخبراء، ومن ضمنهم خبراء في محتوى معيّن (تخصّص أو أساليب تدريس معيّنة) أو خبراء في السيرورة (مثل بحث الممارسات). قد يكون هؤلاء الخبراء من داخل المدرسة أو من خارجها. من المهم أيضًا ألّا يكتفي المدير بالموارد المتاحة له، وإيجاد موارد أخرى تساهم في تحسّن سيرورة التعلّم التي يخوضها الطاقم. أخيرًا، يوصي البحث باستثمار الجزء الأكبر من الموارد في التعلّم المستمر من قبل الطاقم (وليس فقط في أنشطة تعلّميّة عابرة)، حيث تكمن إمكانات هائلة لتحقيق تغيير تربويّ مستدام.
3. دعم المشاركة القائمة على البحث والاستكشاف– التعاون هو جزء من الأنشطة الرئيسيّة الداعمة للتعلّم لدى المعلّمين. لذلك، نوصي المديرين بتزويد المعلّمين بالموارد التي تمكّنهم من العمل بشكل مشترك (خاصة موارد الوقت والمكان). ولكنّ هذه التعاونات لا تؤدّي دومًا إلى التعلّم والتطوّر المهنيّ. إنّ قيادة ثقافة البحث والاستكشاف في المدرسة تساعد على توجيه التعاونات بين المعلّمين بطريقة تشجّع على فحص وتقييم ممارسات العمل والتغييرات التي أجريت. باعتباره قائدًا، يتوجّب على مدير المدرسة قيادة الثقافة المدرسيّة وتشكيل قدوة لأخصائي مهنيّ يعتمد البحث والاستكشاف في عمله. المدير الذي يعمل بهذه الطريقة سيحثّ أفراد الطاقم على العمل بنفس الطريقة، وسيشجّعهم على التفكير النقديّ.
4. استخدام نموذج من التعلّم والتطوّر – باعتباره قائدًا للمؤسّسة المدرسيّة، يوصى المدير بأن يشكّل قدوة وأن يشارك في عمليّة التعلّم التي تؤدي إلى التغيير والتحسّن. في حالات معيّنة، قد تعتبر مشاركة مدير المدرسة في سيرورات التطوير المهنيّ عبأ، يجعل المعلّمين يشعرون بأنّهم مهدّدون. هذه المشاركة قد تؤدي ببعض المعلّمين للامتناع عن المشاركة بالتحديات المهنيّة والبحث عن طرق جديدة للتعامل معها. من الناحية الأخرى، عندما يختار مدير المدرسة المشاركة في سيرورة البحث والاستكشاف، مع إتاحة المجال للمعلّمين بالقيادة، فإنّ مشاركته هذه قد تكون فعّالة. وعليه، من المهم أن يقيّم مدير المدرسة بشكل دائم موقعه في سيرورات التطوير المهنيّ، وأن يحرص على المشاركة الفعّالة دون الإفراط في إبراز الحضور، قياسًا بسائر أفراد الطاقم.
5. تطوير علاقات إنسانيّة بنّاءة– التطوّر المهنيّ يتطلّب التغيير، وقد ينطوي ذلك على تحدٍ، وربما على تهديد أيضًا. من المهم أن يعترف مدير المدرسة بهذا التعقيد وأن يبدي تعاطفًا تجاه الصعوبة التي تواجه المعلّمون، وذلك ليتمكّن من قيادة سيرورة تعلّمهم وتطوّرهم المهنيّ. باستطاعة مدير المدرسة التعامل مع هذا التعقيد بواسطة تعزيز دافعية المعلّمين على التحسّن والتزامهم تجاه تلبية احتياجات طلابهم واحتياجات المدرسة. لترسيخ ثقافة التعاون القائم على البحث والاستكشاف، يتوجّب على مدير المدرسة الاهتمام برفاه وحسن حال المعلّمين. عليه تشجيع علاقات الزمالة القائمة على الثقة بين أعضاء الطاقم، والمبادرة بنفسه على إنشاء علاقات كهذه مع الطاقم.
6. اللامركزيّة في القيادة– لضمان فاعليّة سيرورة التطوّر المهنيّ، يوصى المدير بمشاركة طاقم المدرسة في قيادة السيرورة. لهذه القيادة المشتركة ميزتان رئيسيتان. أولًا، المعرفة التي يتمتع بها المعلّمون هي مورد قيّم جدَا بالإمكان الاستناد إليه والتعلّم منه. إنّ منح المعلّمين الفرصة للمشاركة في قيادة سيرورة التعلّم يمكّنهم من الاستعانة بخبرتهم من أجل تعلّم الزملاء. ثانيًا، فإنّ التطوير المهنيّ يتطلّب من المعلّمين إبداء الجاهزيّة للتعلّم والتطوّر، ولا يمكن أن يتحقّق عنوةً ورغمًا عنهم. سيرورة المعلّمين التي يخوضها المعلّمون تكون أعمق وأكثر فاعلية عندما يتيح لهم المدير المجال للمشاركة في قيادة سيرورات واتخاذ القرارات.
7. الموازنة بين الجوانب الشخصيّة والتنظيميّة في سيرورة التعلّم– التطوّر المهنيّ هو موضوع شخصيّ وتنظيميّ في آن واحد. لكلّ معلّم/ة رغبات واحتياجات خاصّة تؤثّر على شكل طبيعة التعلّم المناسبة له. للمدرسة أيضًا احتياجات نابعة عن أهدافها، وهذه الاحتياجات تحدّد اتجاهات التعلّم المختلفة. ولكن اتجاهات التعلّم الشخصيّة لدى المعلّمين المختلفين لا تتماشى دومًا مع بعضها البعض، أو مع الاتجاهات المعتمدة في المؤسّسة المدرسيّة. يتوجّب على مدير المدرسة تحقيق التوازن بين جميع هذه الاتجاهات وتلبية الاحتياجات التنظيميّة، مع مراعاة الاحتياجات الشخصيّة. للنجاح في هذه المهمّة المركّبة، يتوجّب عليه أن يفحص ويقيّم هذا التوازن باستمرار.
ليس الأمر مستحيلًا
إنّ تطبيق الاستراتيجيات السبع قد ينطوي على تحديات، ولكنّه ليس غاية مستحيلة. إنّ قصتيْ المديرتين اللتين أحسنتا قيادة سيرورة التطوّر المهنيّ في مدرستيهما تطلعاننا على التحديات وطرق التعامل معهما.
التعلّم كتحدٍ مشترك
مور تيروش هي مديرة جديدة نسبيًا في مدرسة في هرتسليا، وهي تشغل منصبها هذا للسنة الثانية على التوالي. تقول مور إنّ التطوير المهنيّ في إطار مجتمعات المعلّمين التعلّميّ هو من حجارة الأساس في المدرسة. جميع أفراد الطاقم المدرسيّ تقريبًا يشاركون في هذا التعلّم، الأمر الذي يتيح المجال للربط بين أهداف المدرسة وعملية التدريس في الصفوف.
للمدارس غايات واضحة تتحقق بواسطة مجتمعات التعلّم:
1. التربية العاطفيّة الاجتماعيّة– بالإضافة إلى المنهج الدراسيّ، تسعى المدرسة لمعرفة مشاعر الطلاب، تخصيص الوقت والحيّز الكافيين لتناولها بواسطة إدارة حوار صفيّ وشخصيّ، سواء في الإطار الجماعيّ وفي الإطار الشخصيّ.
2. تلبية الاحتياجات التعليميّة الشخصيّة- تعترف المدرسة بأنّه للطلاب المختلفين احتياجات تعليميّة مختلفة، لذلك، فهي تشجّع على تطبيق أساليب تدريس تمكّن المعلّمات من تلبية الاحتياجات بشكل شخصيّ وملاءم.
3. التدريس وفقًا لنموذج EACH – النموذج المطروح في قسم التربية والتعليم في بلدية هرتسليا ينعكس في مدرسة مور أيضًا، وبموجبه، يستند التعلّم في المدرسة إلى “أربعة أسس رئيسيّة… قيميّة، أكاديميّة، مجتمعيّة وبحثيّة” (راجعوا: http://www.files.org.il/BRPortalStorage/a/4/01/54/92-2I1eRqhrkY.pdf).
مع ذلك، فإنّ تطبيق الاستراتيجيّة الأولى يشكّل تحديًا أمام مور، “الحديث عن الأمور اليوميّة النظاميّة، وليس عن الرؤية”. لبلورة الرؤية المدرسيّة، تتّبع استراتيجية لامركزيّة القيادة، ومن الواضح أنّ قيادتها قائمة على مشاركة الطاقم، الأمر الذي يمكّنها من التغلّب على الصعوبة. تصف مور منظومة العلاقات التي تربط بين التدريس في الصفوف وبين إدارة المدرسة، وتتيح المجال لبلورة الرؤية ليس بناءً على أفكار شخص واحد، إنّما على تعاون على مختلف المستويات. “يختار الطاقم الإداريّ أهداف وغايات المدرسة، وإذا وجد أنّ هناك قضية حارقة، قد يتخّذ القرار بإنشاء مجتمع تعلّميّ لتناول هذه القضية”. هكذا اختيرت المواضيع الثلاثة أعلاه، في حوار بين الطاقم الرياديّ ومور، باعتبارها مديرة المدرسة. على مستوى العمل اليوميّ، “تقود القيادة الوسطى سيرورات التعلّم، ويؤثّر معلّمو المدرسة على الموضوع الذي يتناوله المجتمع التعلّميّ… إنّهم يتدارسون الممارسة القائمة في المجتمعات التعلّميّة ، ويطوّرون معًا أساليب التدريس التي تحقق الغايات المحدّدة على أكمل وجه ممكن”.
تطمح مور لأن تشكّل نموذجًا وقدوة بالنسبة للمعلّمين. “لا يمكننا مطالبة المعلّمين من تغيير أساليبهم التدريسيّة، وفي جلسة الإدارة، تجدهم يجلسون ويعملون بملل”، تقول مور. لذلك، تخصّص على الأقل جلسة واحدة في الشهر للمجتمعات التعلّميّة. هكذا تتبلور عادات منتظمة تتيح المجال لحدوث عملية التعلّم لدى الطاقم. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تخصيص الموارد يبيّن للطاقم أنّ النشاط يحظى بأولوية عليا. في نهاية المطاف، فإنّ التعلّم في هذه المرحلة يتيح لمور المشاركة في نشاط المجتمعات التعلّميّة. “لكيلا تشكّل عبأ”، تنضم مور في كل مرة إلى مجتمع تعلّميّ مختلف، ولا تشارك بشكل دائم في مجتمع تعلّميّ واحد.
لاستراتيجية تطوير العلاقات الإنسانيّة دور رئيسيّ في عمل مور، والتي تتحدّث بفخر عن الدعم الذي تقدّمه للطاقم. تقول مور إنّه إلى جانب الإطراء على “روح المبادرة والنشاط”، فإنّها لا تنسى دعم المعلّمين الذين يواجهون صعوبات. تتحدّث مور عن معلّمة “أرادت تطبيق أسلوب تدريسيّ جديد، برفقتي، وإلى جانبي في نفس الحيز، ولكنّها كانت خائفة مني… توجّهت في حينه إلى المعلّمة الرياديّة لكي ترافقها وتساعدها في المرة الأولى”. وكما في سائر السياقات، فإن الدعم الفرديّ لكل معلّم ومعلّمة يتم بفضل التعاون بين مديرة المدرسة والقيادة الوسطى.
قيادة مشروع التعلّم
غاليت أطياس هي مديرة مخضرمة أدارت في السابق مدرسة في حولون، وتدير حاليًا مدرسة أخرى في بات يام. مع أنّه لكل مدرسة من هاتين المدرستين طابع مختلف، وبالتالي فإنّ أهدافهما مختلفة، ولكن في الحالتين، فإنّ رؤية غاليت تشمل “بيداغوجيا مبتكرة ورياديّة”، وهي تشرح أنّه “هناك أهمية قصوى لكيفية رؤيتي للأمور، وسأعمل على استقطاب وجذب الناس إلى هناك، إلى حيث أتواجد”. بكلمات أخرى، كان واضحًا لها في المدرستين ما هي الرؤية التي تصبو نحو تحقيقها، ولكنّها كانت مدركة أيضًا إلى أنّها لا تستطيع العمل بمفردها: “لا بدّ أنّ هناك معلّم أو اثنين يمكنني العمل معهما نحو تحقيق هذه الرؤية”. تشرح أيضًا أنّ المدير قوي الشخصيّة يحتاج للامركزيّة في القيادة : “لا يمكنك العمل بمفردك، عليك أولًا أن تميّز الأشخاص الذي يمكنك العمل معهم لتحقيق الهدف”.
أوجه الشبه بين المدرستين اللتين أدارتهما غاليت تنعكس في تمثيل الرؤية المدرسيّة لسيرورة التعلّم والتطوّر التي يخوضها المعلّمون، “ويصعب على المعلّمين تقبّل رؤية تخاطبهم هم أيضًا، ولا تتطرق فقط إلى ما يحدث مع الطلاب”. تتغلّب غاليت على هذا التحدّي بواسطة تشكيل قدوة أولًا. “أنا أيضًا أتعلّم وأتطوّر”. تحرص أيضًا على تزويد المعلّمين بالموارد التي يحتاجونها، على سبيل المثال، عندما تعلّم المعلّمون كيفية تطبيق أساليب التدريس القائمة على المشاريع، “دعوت مرشدة التقت في كل مرة بطاقم آخر في المدرسة وساعدتهم على التخطيط للمشروع”. وربّما تكون العلاقات الإنسانيّة المركّب الأهم الذي سلّطت عليه غاليت الضوء: الإطراء للمعلّمات. “كنت احتفي بكل مشروع وأدعو مختلف الجهات لزيارتنا، مثل مدير مديرية التربية والتعليم، ليروا ما يفعل معلّمونا”. ساهم ذلك في تعزيز دافعية أفراد الطاقم المدرسيّ، وسعدوا أكثر بإمكانية الالتحاق بسيروات التعلّم والتطوّر.
رؤية غاليت التربويّة تكون دائمًا ماثلة أمامها عندما تدعم سيرورات التعلّم التي يخوضها طاقم المعلّمين في مدرستها. مع ذلك، تولي أهمية للموازنة بين الجوانب الشخصيّة والتنظيميّة في سيرورة التعلّم. لذلك، فهي تحرص على إعطاء حيّز للطموحات الشخصيّة للمعلّمين، بالإضافة إلى الأهداف التنظيميّة للمدرسة بأسرها. تقول إنّ أحد المعلّمين الرياديين الثلاثة العاملين حاليًا في مدرستها “من مجتمع الميم، ولذلك، فإنّه يشعر بأنّه ملزم بأن يتحدّث مع الطلاب عن مكانة الآخرين في المجتمع، ثم أعرب عن رغبته في قيادة موضوع الاحتواء والاندماج. لم أكن أعرف ماذا سيفعلون في هذا المجتمع التعلّميّ، لكنّي أعطيته الفرصة، وكانت التجربة ناجحة جدًا”. بذلك، تمكّن غاليت المعلّمين من تطوير وتحقيق أهدافهم، إلى جانب الأهداف التي تسعى لتحقيقها.
القاسم المشترك
أشارت المديرتان إلى أنّهما حرصتا على إنشاء مجتمعات تعلّميّة في مدارسهما، ولكن مع ذلك، فإنّ التشجيع على التعلّم في المجتمعات التعلّميّة لم يعتبر في الأدبيات البحثيّة كواحدة من الاستراتيجيات السبع التي يوصى المدير بتطبيقها. في الواقع، فإنّ المجتمع التعلّميّ ليس هدفًا وليس استراتيجيّة رئيسيّة يجب السعي لتطبيقها، إنّما مبنى يتيح المجال للتعلّم، مبنى ذو إمكانات كامنة هائلة ولكنّه ليس ضروريَا. بالمقابل، فإنّ الاستراتيجيات السبع تعبّر عن توجّهات أكثر عمقًا بالنسبة لسيرورة التعلّم التي يخوضها المعلّمون. لذلك، يمكننا أن نميّز بسهولة كيف تنعكس في قصّتيْ مور وغاليت. إلى جانب الاستراتيجيات السبع، ترى كلتاهما أن المجتمعات التعلّميّة هي الطريقة المثلى لتنفيذ السيرورات التعلّميّة المنشودة وللتعبير عن القيم التي تؤمنان بها.
يتضح أيضًا من القصص أنّ تطبيق الاستراتيجيات ليس مهمّة بسيطة، وهو ينطوي على تحديات. ولكن الاستراتيجيات السبع تكمل بعضها بعضًا وتكوّن معًا نسيجًا يكون فيه حل أحد التحديات المترتبة على تطبيق استراتيجية معيّنة كامنًا في استراتيجية أخرى. على سبيل المثال، بالإمكان التغلّب على التحديات المترتبة على تحقيق الرؤية بواسطة اعتماد مبدأ اللامركزية في القيادة. وقد يتغّلب المعلّمون على صعوبة الالتزام بالسيرورات التعلّميّة بواسطة القدوة الذي تشكّلها المديرة، وبفضل جاهزيتها للموازنة بين الاحتياجات المدرسيّة وطموحات المعلّمين الشخصيّة.
الاستراتيجيات السبع ليست “وصفة” ولا تشمل توجيهات للعمل. ولكن استنادًا إلى الأبحاث التي قرأتها في المجال ومحادثات مع المديرات اللواتي نجحن في خوض سيرورة التطوير المهنيّ، استنتجت أنّه بالإمكان إخراجها حيز التنفيذ. الخطوة الأولى هي الاعتراف بها وبأهميتها، ومحاولة تطبيقها على الرغم من الصعوبات المترتّبة على ذلك.
شغل الموضوعان الرئيسيّان اللذان تتمحور حولها هذه المقالة، وهما “القيادة في التربية والتعليم” و “التطوير المهنيّ للمعلّمين”، مكانة مركزيّة في الأدبيات البحثيّة، ولكنّ عددًا قليلًا من الأدبيات تطرّق إلى الموضوعين معًا. لذلك، تستند هذه المقالة إلى الدمج بين ست مراجع مختلفة: