جهد مثمر: ما هي الفوائد التي تجلبها مجتمعات إطلالة؟
مقدّم من: قسم البحث والتطوير في إطلالة |
لماذا من المهم النظر في مساهمة المجتمع في سيرورات التعلم في المدرسة؟
النظر في مساهمة المجتمع يمكن أن يكشف “ما الذي جنيناه” لغاية الآن من المشاركة في سيرورة إطلالة، ويزيد من المحفزات والدافع للاستمرار في جني ثمار هذا الجهد في التعلم المهني، وتحديد الأهداف التي نريد تحقيقها في المستقبل.
آتين وبيفرلي وينجر-ترينر، من رواد مجال التعلّم في المجتمعات في العالم، يعتقدان أن مجتمع التعلّم الجيد هو المجتمع الذي ينجح في التطور وفي إضافة أنواع مختلفة من القيمة والفائدة على الأمد الطويل، من الأساسية والفورية إلى الفائدة طويلة الأمد، الاستراتيجية والأعمق. يمكن التعامل مع أنواع الفوائد هذه على أنها مراحل في تطور المجتمع: كلما زادت خبرة المشاركين في المجتمع وقيامهم بدراسة الجوانب والمفاهيم المختلفة ومناقشتها، يترسّخ تعلّمهم بشكل أكبر ويزداد تأثيره وتعود ثماره وفوائده على الجميع.
إذًا ما هي هذه الفوائد (أو الثمار) الناتجة عن عمل المجتمع؟ وكيف يمكننا معرفة ما إذا كان مجتمعنا يجنيها فعلًا؟
الفوائد الأساسية: مجتمع تعلّم يولَد
الفائدة الفورية (Immediate value) تتطرّق إلى المحفز الأولي الذي يشعر به المشاركون في المجتمع جراء مشاركتهم في المجتمع. مثل اللهفة التي نشعر بها بعد حضور محاضرة مثيرة للإلهام. أو عند مقابلة شخص والتحدث معه لأول مرة، مما يدفعنا إلى “فِعل شيء ما حيال الأمر”. نتعرف على الفائدة الفورية عندما نسمع المشاركين في المجتمع يقولون عبارات مثل: “خرجت من اللقاء بشعور جيد ورغبة في البدء بالبحث والتطور المهني”، أو “اكتشفت أنني لست الوحيدة التي تشعر أن العمل في مجموعات لا يصل إلى الكثير من الطلاب. خرجت من اللقاء برغبة في البحث معًا عن طرق لتحسين التدريس والتعلم في الصف خلال تقسيم الطلاب إلى مجموعات صغيرة”.
الفائدة المحتملة (Potential value) تتطرق إلى حالة يدور فيها داخل المجتمع حوار يخلق استنتاجًا ومفهومًا جديدًا، علاقة جديدة بين الأشخاص (والتي يمكن أن تؤدي إلى عمل مشترك جديد)، أو تعلّم واكتساب معرفة جديدة. تكمن داخل المجتمع قيمة يمكنها أن تؤثر على الصف وعلى سيرورة التدريس، لكن لم يتم استخدامها بعد. نتعرف على هذه الفائدة عندما نسمع المشاركين في المجتمع يصفون الروابط والعلاقات الجديدة التي قاموا ببنائها مع بعضهم البعض، حيث نسمع خلال النقاشات في المجتمع عبارات مثل: “لم أفكر بمثل هذه الفكرة من قبل”. أو عندما يقرر المشاركون في المجتمع أن يتحدثوا مع مستمِع خارجي عن معرفة جديدة اكتسبوها بفضل اللقاءات، لكي يوضّحوا سبب مشاركتهم في المجتمع. على سبيل المثال: “بحثنا معًا عن نماذج للتعلم في مجموعات صغيرة ومتنوعة، وجدنا نموذجًا يوفر طرقًا لتعزيز الحوار بمجموعات متنوعة وغير متجانسة. قرأنا، ناقشنا وحددنا النقاط المهمة والملائمة لنا”.
الفوائد المتقدمة: المجتمع يبدأ في التأثير على أرض الواقع
مع مرور الوقت، نسعى لأن يتحدث المشاركون في مجتمعنا ليس فقط عن الإلهام والفائدة الفورية، أو عن المعرفة والروابط التي نشأت بفضل اللقاءات. نرغب بأن في أن ينخرط المجتمع في النقاش والتفكير حول الممارسات والتعلم من العمل في الميدان. هذا النوع من الحوار يُظهِر أن مجتمعنا يبدأ بتقديم فوائد أكثر تقدمًا للمشاركين فيه: فائدة تطبيقية وفائدة محقَّقة.
الفائدة التطبيقية (Applied value) المقابل الذي يحصل المشاركون في المجتمع عليه من تطبيق المعرفة التي اكتسبوها. في هذه المرحلة، يبدأ المشاركون في المجتمع بتطبيق واختبار المعرفة التي اكتسبوها معًا، كلٌّ منهم في صفه وفي الجوانب الملائمة له. يبدأ المجتمع في إنتاج فائدة مستمدة من الممارسة، أي من خلال التقييم والممارسة الفعلية في الصف. نلاحظ أن مجتمعنا يحقق فائدة تطبيقية للمشاركين فيه عندما نسمع المزيد من الشهادات والعبارات مثل: “استخدمت النموذج الذي تعلمناه وقمت بتدريس مخطط درس كامل بناءً على المبادئ التي يشملها”، أو “بفضل المحادثة في لقائنا الأسبوع الماضي، قمت اليوم بتغيير الطريقة العادية لتقسيم الطلاب إلى مجموعات”.
الفائدة المحققة (Realized value) تبدأ بالظهور عندما يعود المزيد من المشاركين في المجتمع مع الاستنتاجات والمفاهيم التي اكتسبوها جراء تطبيق القضايا التي طُرِحت في لقاءات المجتمع داخل صفوفهم. في نفس الوقت، من المتوقع أن تُخصص لقاءات المجتمع لمناقشة المفاهيم والاستنتاجات التي توصل إليها المشاركون في المجتمع جراء تطبيق قضايا المجتمع في صفوفهم. هذه المرحلة لا تشير فقط إلى أن مجتمعنا جاهز لتقديم المعرفة، الاستنتاجات والروابط للمشاركين فيه، ولا تشير فقط إلى أنهم يطبقون هذه المعرفة والخبرة في صفوفهم، بل إلى أنهم يرون أهمية في النقاش والتطرق إلى النقاط المركزية التي تعلموها من تطبيق المعرفة في الصفوف.
المجتمع النشط والناضج: الفوائد المعمّقة وطويلة الأمد
القيم التي عُرِضت حتى هذه المرحلة تصف مجتمعًا ينجح في التأثير بشكل ملحوظ على المشاركين فيه. إذا وجدتم أنكم وزملاءكم تستفيدون من هذه كل واحدة من هذه الفوائد، فهذا يشير إلى أن مجتمعكم يساهم بشكل كبير في تطويركم المهني، ويُعتبر بالتأكيد مصدر دعم متبادل خلال هذه الفترة من التغيرات وعدم اليقين. الطريق الذي قطعتموها مع مجتمعكم مهمة ولها تأثير كبير، ولكنها لا تنتهي هنا. تجدر الإشارة إلى أن رحلة مجتمع التعلّم يمكن أن تستمر في اتجاهات تأثير وفوائد أوسع، وسنذكرها هنا باقتضاب.
عند التفكير في استمرار المجتمع على المدى الطويل، وفي قدرته على التأثير في شركاء من خارج المجتمع، يؤكّد وينجر-ترينر على أهمية بناء علاقات متبادلة بين المجتمع وبيئته المحيطة. تشمل هذه العلاقات بُعدين رئيسيين: البُعد الاستراتيجي، الذي يتطرق إلى وضوح أهداف المنظمة (المدرسة في حالتنا) وقدرة المجتمع على إدارة نقاش استراتيجي حول مساهمته في تحقيق هذه الأهداف. وبُعد التمكين، الذي يتطرق إلى الدعم الذي يحصل عليه المجتمع من القيادة المدرسية وتوفُّر الشروط المطلوبة لعمله. التفكير المسبق في هذين البُعدين وتطويرهما مع مرّ الزمن، ضروري لضمان استمرارية المجتمع وتحقيق فائدة الشاملة.
الفائدة التنظيمية هي فائدة أوسع، تنعكس في التأثير على جهات من خارج المجتمع. تحدث هذه الفائدة عندما تبدأ الاستنتاجات والممارسات الناجمة عن عمل المجتمع في التأثير بشكل كبير على النشاط المهني لجهات أخرى – المعلمين الآخرين في المدرسة، الطاقم الإداري، وطاقم الشؤون الإدارية، وعلى المدرسة بأكملها.
بالعودة إلى لقاءات المجتمع، في الروتين وخارجه
نأمل بأن التمييز بين الفوائد المختلفة يساعدكم في بناء مجتمع نشط والحفاظ عليه، مجتمع يحقق الدعم المتبادل والتعلم من الممارسة، بالإضافة إلى نشر ثقافة الحفاظ على المعرفة ونشرها من أجل معلمي المجتمع، جميع معلمي المدرسة وأصحاب الشأن الآخرين.